بيضمكسَّرالوجه الحقيقيلصناعة البيضفي البلاد بيض مكسَّر

عمل باحثي جمعيّة أنونيموس في إحدي عشر مزرعة دجاج تابعه لأكبر العلامات التجارية المسوقه للبيض في البلاد، منها تنوفا، جليكسمان وليسر. لقد سمعوا شهادات مفاجئة من العاملين في المزارع، شاهدوا مخالفات منهجية لقوانين صحّيّة أساسية، ووثّقوا بالكاميرات الخفيّة مشاهد لا ترغب شركات البيض بأن ترونها. أمامكم النتائج.

تبدأ أشعة الضوء باختراق الشِباك المتعفّن المحيط بلمزرعة البيض، وتضيء أسربة الأقفاص المزدحمة. الهواء في الداخل مضغوط وقليل ورائحة قويه تملأ الأنف. هذا اليوم الأول لفرقة جديدة من الفِراخ في المزرعه والإثارة واضِحة. الفِراخ الصغيرة تلمع من بياض ريشها، ولا تذكّر بالمره الدجاجات المنتّفة والتعيسة التي ستتحوّل إليها خلال وقت قصير. واضح على ملامحهنّ أنه رغم المعاناة الكبيرة، عزيمتهنّ لم تُهدَم بعد.

تدفع رقابها من بين القضبان، تحاول أن تطلق أجنحتها داخل القفص الضيّق بلا فائدة. في كل قفص ما بين ثلاث إلى أربع دجاجات ولكل واحدة منهن مساحة محدّدة، أصغر بحجمها من صفحة دفتر. في هذا القفص ستقضي سنتين من حياتها حتى تموت بالتكهرب

المجموعه الحالية احضرت الأمس من مزرعة دجاج في مركز البلاد. نُقِلَت الدجاجات بصناديق بلاستيكية صفراء، وحُشِرَت 16 منها في كل صندوق. مناقيرها مفتوحة، أطراف وأجنحة ممزّقة تطلّ من بين الشقوق. بسبب الحرّ والضغط، لم تنجو بعضها الرحلة. "عشرون منهن ماتت في الطريق" قال صاحب المزرعه، وشَهِدَ أن طريقة الموت هذه عاديه.

مقصلة على المنقار

رحلة الموت الى المزرعه التي ستنهي بها حياتها ابتدأت قبل اربعة اشهر. حالاً بعد ان تفقس من البيضة، تمرّ الصيصان عملية انتقاء وتُفصَل الإناث عن اخوتها الذكور. يُباد الذكور بالملايين كل عام، خمسة عشر ألف باليوم، أمّا الإناث فتُقاد بعد بضعة أيام إلى قن الدجاج، وهناك يتم قلم منقارها، و تُحتجَز حتى تصل سن البلوغ الجنسي.

نجح باحثون متخفون من أنونيموس بدخول قن دجاج كهذا بالضبط، وقاموا بتصوير عملية قلم المنقار. هذا الإجراء الوحشي يحدث ليس مرة، إنما مرّتين خلال حياتها. المرة الأولى تكون دجاجات صغيره، والمرة الثانيه عندما يكون جيلها 12 اسبوع. عملية القلم تبدأ بحشر الدجاجات في مساحة صغيرة، التي فيها تنتظر بقلق وذعر. من هناك تحمّل على ماكنة تدور كالدوامه التي منها تنزل علّاقات حديدية تُعَلَّق عليها الدجاجات من أرجلها بينما يكون رأسها للأسفل. مع دَوَران الدائرة الحديدية، مثل الشريط المتحرّك، تحقن الدجاجات بإبَر تطعيم، وعندها، مع رأسها في يده الواحدة وجسدها في يده الأخرى، يدسّ العامل منقارها في ماكنة القلم.

آلة القلم هي قالب حديدي كبير بمركزه مقصلة حارّة تنزل على المنقار وتلذعه حتى تمنع موت الدجاجة من النزيف. الرائحة مثل رائحه اللحم والشعر المحروقين وتعبّق القنّ والدخان يعلو من الآلة. بمحاوله يائسة ومُفجعة تحاول الدجاجات إبعاد نفسها عن الآلة بأرجلها وبعضها تجرح. مرتبكة خوفًا وألمًا، تحاول أن تفتح منقارها المشوَّه والمحروق لكن دون صوت. عندما تستمر العلّاقات الحديديه بالتحرُّك فوق رؤوسها، تهرب الدجاجات مقلومة المنقار داخل القن بعيداً قدر الإمكان عن آلة الرعب.

بقع دم على البيض

خارج مزرعة البيض يُسمَع صدى أصوات النقنقة الأتيه من المزرعه. يوجد به بضعة الآلاف من الدجاجات عمرها سبعة أشهر. تعلّمت من التجربة وتنازلت منذ وقت على المحاولة لنشرأجنحتها.على طول الصفوف تطلّ من داخل الأقفاص الصغيرة كتل كثيرة من المناقير والأجنحة، كأنها تحاول توسيع المساحة المحدّدة لها، ولو بقليل. بيأسها، تحاول الكثير من الدجاجات شدّ أنفسها قليلا عن طريق مدّ رؤوسها خارج قضبان القفص. أحياناً تموت اختناقاً، عندما تعلَق رقبتها بشبكة الحديد.

"في الطبيعة"، يقول مربي الدجاج، "تبيض الدجاجة حوالي 50 بيضة في السنة". في المزرعه الصناعيه، بالتلاعُب في الجينات والضوء والأكل، تصل الدجاجة إلى وضع 300 بيضة. تقريبًا بيضة في اليوم.نتيجة لذلك فتحة الوضع تتشوّه وتعاني الدجاجات من آلام شديدة. وتعاني أيضا من النقص الحاد بالكالسيوم، ومن تشوّهات بالعِظام. دليل فظيع على ذلك هو البيض المكسو بالدم، مشهد مألوف في كل قفص تم توثيقه في التحقيق.

جزء مركزي من العمل في مزرعة الدجاج هو جمع الجثث. ظروف المعيشة القاسية السائدة في المزارع تؤدّي إلى موت الكثير من الدجاجات قبل الأوان. يقع على صاحب المزرعه واجب جمع جثث الدجاج كل يوم، ووضعهن في حاوية مُحكَمة الإغلاق المخصّصة لذلك. في الواقع، دجاجات ميتة كثيره تبقى في الأقفاص، أحيانا إلى درجة الفساد الكُلّي، وتجبر الدجاجات الباقية في القفص أن تتقاسمه مع جثة. جثث أخرى تلقى إلى أكوام الروث تحت الأقفاص ولا تجمع. كونها ملقاة هكذا على الأرض يشكّل خطرًا صحّيّاً ومصدر لجذب الحيوانات البرّيّة.

مربوا الدجاج واعون للاحساس الصعب، والذي يصل لدرجة الرعب، الذي يشعره من يدخل للمزرعه لأول مره في حياته. ضجه تصم الأذنين، ألاف أصوات النقنقه، صراخ وزعيق. أحد المربون قال أن معلمة أحفاده ترفض إحضار صفها لجوله بالمزرعه لأنه لا حاجه أن يرى الأولاد هذه المشاهد. مع ذلك، يظن الكثير منهم انه يجب عدم رؤية الدجاجات كائن حي، بل مصدر اقتصادي. صاحب المزرعه التي تسوق بيوضه بشركه اسمها "ليسر" قال "هذه دجاجه رُبيت من الأساس لهدف البيض والإنتاج (...) مثل ما نقوم بانتاج سياره لنقلنا من مكان لمكان. نفس الفكره. لكن الفرق انها حيه. لا يحب الناس الفكرة أنها بأقفاص, لكن هذا الهدف من ورائهن، لهذا الهدف خُلقوا".

الفضيحه المتعلقه بالصحه

رائحه نتنه لا تطاق عالقه بالهواء. يظهر مصدرها بسرعه. الأقفاص مبنيه بخط مائل لكي تنزل البيضه من القفص مباشره على الأرض تحته. يجمع الروث بأكوام تصل لأحجام مخيفه. مره كل بضعه شهور أو عام يأتي عمال لجمع الأكوام. لكن حتى يأتي وقت جمعها تضطر الدجاجات العيش فوقها. كما قلنا، إنها تصل لأحجام مخيفه لدرجة أنها تمس بالأقفاص المتواجده فوقها. هكذا تضطر الدجاجات العيش فوق روثها.

توصي وزارة الصحه السكان بعدم غسل البيض. ممكن أن تؤدي عملية الغسل الى انتقال الجراثيم من القشره الى داخل البيضه. مع ذلك، يقوم مربو الدجاج تقريبا في جميع المزارع التي زارها باحثو أنونيموس بغسل البيوض المغطاه بالدم والروث، ويوجد منهم الكثير. جزء منهم اعترف أن الأمر ممنوع. أخرون ادعوا أن الغسل مسموح لكن النقع ممنوع، لكن هذا غير صحيح. الخطر الأساسي هو السالمونيلا. في كل عام تباع ملايين البيوض المصابه بالسالمونيلا. غالبية حالات التسمم من الطعام لا يبلغ عنها، لكن بالمجموعات السكانيه الضعيفه (الأولاد، المسنون، النساء الحوامل) يوجد خطر التعقيدات الطبيه، وحتى الموت. بالفتره الأخيره أوصىت وزارة الصحه حضانات الأطفال وبيوت المسنين بعدم استعمال كراتين البيض لفعاليات الأشغال. إن لم يكن بالأمكان اللعب بكراتين البيض، كيف يمكن أكل فحواها؟

السالمونيلا ونيوكاسل هما المرضان الشائعان بالمزارع، لكنهم ليسا الوحيدين. تتلقى الدجاجات التطعيم لعشرة أمراض مختلفه. الجراثيم تطور المناعه والأمراض تصبح شائعه. أحيانا يتم تدمير أقفاص كامله خوفا من انتقال الأمراض. القفص يجذب العديد من الحيوانات. خلال القيام بهذا البحث وجدنا الجراذ، القطط والعصافير. شرح لنا الطبيب البيطري أن الكثير من الأمراض، بعضها معدي للناس مثل انفلونزا الطيور، تنتقل للدجاجات من خلال هذه الحيوانات. رأينا أيضا الكثير من القمل على قضيان الأقفاص، على الدجاجات، على البيض، وعلى أجسامنا. احتجنا لعدة ساعات لإزالتها.

ماذا يمكننا أن نفعل؟

أفضل طريقة لمساعدة الدجاجات هي الإمتناع عن شراء البيض. معظمنا غير قادرعلى قلم منقار صوص بواسطة شفرة ملتهبه، ولا نتصوّر حتى سجن دجاجة في قفص أو تجويعها كي نزيد وضعها للبيض. عند شرائنا البيض، نحن ندفع لشخص آخر كي يقوم بذلك.

وماذا عن البيض "الحر"؟ في المزارع العضوية وفي المزارع "الحره"، لا تسجن الدجاجات والفِراخ في أقفاص، لكنها تصل من نفس المكان الذي تباد به الصيصان الذكور وتُقطَع مناقير الإناث. يستخدمون نفس أصناف الدجاج الذي مرّ بعمليات تلاعُب وراثي (جينات) حتى تضع البيض بصورة زائدة والمسببه لها العناء. في هذه القنن لن تلتقي أبدا بديك ولن ترقد على بيضة، وفي جيل سنتين تتكهرب حتى الموت.

من الأسهل اليوم التوقف عن استهلاك البيض من أي وقت مضى.   هناك الكثير من المصادر النباتية للبروتين,  التي تحتوي معادِن وألياف غذائية ولا تحتوي على الكولسترول، السالمونيلا والديوكسين الموجود بالبيض.

روابط عمليه: